كتاب جدد حياتك

"فأبو بكر" الحليم يؤثر الصفح، و "عمر" الصارم يرى العقوبة.
وقد عقب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشورة صاحبيه بأن شبه هذا "بإبراهيم " الذى قال لقومه:
(فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم)
وشبه ذاك "بنوح " الذى قال:
(رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولايلدوا إلا فاجرا كفارا)
وظاهر أن كلا الصاحبين تحرى الحق كما يهديه إليه تفكيره المستقل، ومزاجه الخاص فى علاج الأمور.
وهذا المسلك الحر المنزه عن الملق والميوعة هو الإسلام: (فطرة الله التي فطر الناس عليها).
وبهذا الضرب من الشمائل النظيفة والسجايا الأبية النقية التف حول رسول الله أناس لا يرى أحدهم مانعا البتة من أن يطلب إليه تغيير منزله فى ميدان القتال لأن الأفضل كذا، ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصواب فى مشورة صاحبه فيأخذ بها.
ألا ليت الزعماء والرؤساء عندنا يعرفون هذه الحقيقة.
إنهم يؤثرون من يذيب نفسه فيهم ـ على ضعف الكفاية أو انعدامها ـ ويؤخرون أصحاب الطبائع الحرة، وإن وثبت بهم الرسالات والأعمال إلى الأمام.
وهذه هى الطامة!! وبلغنى أن الزعيم الروسى "ستالين " فصل أحد كبار الموظفين من منصبه، لماذا؟ لأن "ستالين " ما استشار هذا الموظف فى أمر إلا أشار عليه بما يظنه أقرب إلى مرضاته.
ومثل هذا الموظف لا يرجى منه نفع، ولا يؤمن على مصلحة.
وقد تخلص منه الزعيم الروسى، ولو كان فى ربوع الشرق لبقى موضع الرعاية إلى الممات.

الصفحة 124