كتاب جدد حياتك

1 - يريد النص على أن لكل إنسان شخصيته المستقلة، فإذا هو حافظ على هذا الاستقلال، ودعم أصوله، وزكى فروعه، وعاش فى نطاق ذاتيته الخاصة، فقد مضى على سنة الله إذ أراده أمة وحده، ودولة قائمة بذاتها .. وإذا هو لم يعرف لنفسه حقها، فنافق الرؤساء ومن إليهم، أو مضى يقلد بعض ذوى الشهرة فى حركاتهم وأصواتهم ومظاهرهم وطريقة أدائهم للأعمال، أو راح على غير سجيته يتكلف الأمور ويرائى الناس فى تصرفاته، فقد جانب سنة الله، وأهدر شخصيته، وغير خلق الله الذى آثره به وسواه عليه، وتغيير خلق الله ما فتئ ديدن الشيطان منذ أقسم بين يدى رب العزة جل شأنه: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)
2 - ويريد سبحانه أن يقرر لكل إنسان حقه فى اختيار الوجهة التى يريدها لخدمة نفسه وقومه، أى حقه فى أن يعيش حرا فى نطاق المجتمع الصالح المتكافل، إذ يجب أن يكون هذا الاتجاه من نبع فؤاده ووحى ضميره ووجدانه، والله سبحانه يقول: (وجهة هو موليها) أى لكل إنسان وجهة هو الذى يتولى نفسه التوجه إليها، أو هو الذى يولى وجهه ونفسه نحوها.
فإذا حملناه على غير طبيعته، فقد حملناه على الرهق، وأدخلنا التشويش على عوامله النفسية المؤتلفة، وذلك أيضا من تغيير خلق الله.
ويريد الله سبحانه أن يقرر حرية الرأى لكل إنسان. فلكل إنسان وجهة نظر إلى الحياة من زاويتها، ولا يدرى أحد فى أى زاوية يكون الحق والخير. ورب حكمة ينشدها كبار الناس فى آفاقهم العقلية من زواياهم الخاصة فلا يجدون لها أثرا، لأنها مختبئة عنهم فى زاوية رجل مغمور، إذا نظر إليها بينها فى بساطة ووضوح ..
فالنظر إلى الحياة من زواياها المختلفة يكفل لنا الإحاطة بأوفر حظ من الصواب والخير، أو هو نوع من التعاون الذهنى على استثارة ما فى هذا الكون من منافع حسية ومعنوية لمصلحة الفرد والمجموع. ولذلك خلقنا الله سبحانه متفاوتين فى طبيعة التفكير، وجعل لكل منا زاويته الخاصة التى ينظر إلى الحياة من عندها ..
وليس معنى حرية التفكير أن الإنسان حر فى تنشيط مواهبه العقلية وعدم تنشيطها، فإن شاء فكر وشحذ ذهنه، وإن شاء تجاهل كل ما حوله، وترك ذهنه

الصفحة 130