كتاب جدد حياتك

كاسدا معطلا .. لا .. فإن لكل موهبة وهبها لنا سبحانه حقا علينا، هو تنشيطها، واستعمالها فيما خلقت له، وذلك من صميم شكر الله .. أما تعطيلها وإهمالها فهو ضرب من الكنود والجحود لنعمته سبحانه.
فوق أنه ضرب من الحرمان والشقوة ..
وما قيمة المرء إذا عاش بذهن كاسد معطل؟!.
وما قيمة الأمة إذا عاش ملايينها الكثيفة فى معزل عن تمحيص الأمور وإدراك وجوه الحق فيها؟!.
إن لك أن تتصور مبلغ ما يفوتها من المنافع وينالها من الشلل والتأخر إذا كانت زوايا البحث عن الحق ومنابع الخير فيها معطلة، أو مهدرة على هذا النحو الأثيم.
والقول الفصل فى حرية الرأى أنها حق طبيعى للمرء، ولكنه حق يتخذ صفة التكليف اللازم، والرسالة الواجبة الأداء .. ذلك، وحرية الرأى هى حارس العدالة فى الشعب، والسياج الذى يكف الحاكم أن يستبد بأمور الناس.
ولا قيام لحكم الطاغية إلا على الأذهان الممسوخة والأفكار الراكدة البلهاء، والحجر على ذوى الرأى أن ينظروا إلى الأمور إلا من الزاوية التى يراها لهم الطاغية .. وقد أدرك "فرعون مصر" قديما تلك الحقيقة، فأعلن إلغاء حرية الرأى بقوله:
(ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد). أى أنه اعتزم تعطيل ملكة الرأى فيهم، فلا يسمح أن يكون لهم رأى فى الأمور غير ما يرى هو فيها.
وذلك من مسخ المواهب، وتغيير خلق الله، وصميم أمر الشيطان.
احتمال الفساد والفرقة
ولكن ما عاقبة أن يصبح كل منا حراً فى تفكيره، وميوله، وشخصيته واتجاهه فى الحياة؟.
ألا يجوز أن يفضى بنا ذلك إلى ضرب من البلبلة، والفرقة، والتدابر، ونُبتلى بالشح المطاع، والهوى المتبع، وإعجاب كل ذى رأى برأيه؟.

الصفحة 131