كتاب جدد حياتك

اصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا
الصبر ـ كما عرفه علماؤنا: حبس النفس على ما تكره.
وهذا تفسير حسن إذا عنينا به مواجهة الشدائد البغيضة بثبات لا نكوص معه، وعقل لا يفقد توازنه واعتداله.
غير أن حبس النفس على ما تكره إذا عنينا به دوام الشعور بمرارة الواقع، وطول الإحساس بما فيه من سوء وأذى، قد ينتهى بالإنسان إلى حال منكرة من الكآبة والتبلد.
وربما انهزم الصبر أمام المقارنات التى تعقدها النفس بين ما نابها وما كانت تحب وتشتهى، كما قال الشاعر:
أقول لنفسى فى الخلاء، ألومها: … لك الويل، ما هذا التجلد والصبر؟
وهذه نهاية الإحساس المحض بالألم، والخبط فى ظلماته دون التماس نور يهدى فى دياجيه، أو عزاء ينقذ من مآسيه!! والإسلام يعمل على تحويل الصبر إلى رضا فى المجال الذى يصح فيه هذا التحول، ولن يتم تذوق النفس لبرد الرضا بإصدار أمر جاف، أو فرض تكليف أجوف، كلا، فالأمر يحتاج إلى تلطف مع النفس، واستدراج لمشاعرها النافرة، وإلا فلا قيمة لأن تقول: أنا راض، ونفسك طافحة بالضيق والتقزز!! وأول ما يطلبه الإسلام منك أن تتهم مشاعرك حيال ما ينزل بك.
فمن يدرى؟ رب ضارة نافعة صحت الأجسام بالعلل، رب محنة فى طيها منحة.
من يدرى؟ ربما كانت هذه المتاعب التى تعانيها باباً إلى خير مجهول، ولئن أحسنا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ منها إلى مستقبل أطيب.

الصفحة 134