كتاب جدد حياتك

(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
إن أكثرنا يتبرم بالظروف التى تحيط به، وقد يضاعف ما فيها من نقص وحرمان وتكد، مع أن المتاعب والآلام هى التربة التى تنبت فيها بذور الرجولة.
وما تفتقت مواهب العظماء إلا وسط ركام من المشقات والجهود.
وفى هذا يقول "ديل كارنيجى": (كلما ازددت إيغالاً فى دراسة الأعمال العظيمة التى أنجزها بعض النوابغ، ازددت إيمانا بأن هذه الأعمال كلها ما تمت إلا بدوافع من الشعور بالنقص؟ هذا الشعور هو الذى حفزهم إلى القيام بها واجتناء ثمراتها.
نعم، فمن المحتمل أن الشاعر "ملتون " لم يكن يقرض شعره الرائع لو لم يكن أعمى، وأن "بيتهوفن " لم يكن ليؤلف موسيقاه الرفيعة لو لم يكن أصم .. ).
إن هؤلاء المصابين لم يجسموا مصائبهم ثم يطوفوا حولها معولين منتحبين، ولم يدعوا ألسنتهم تلعق ما فى واقعهم المر من غضاضة، كلا.
لقد قبلوا الواقع المفروض، ثم تركوا العنان لمواهبهم تحول محنته إلى منحة، وتحول ما فيه من كدر وطين إلى ورود ورياحين.
وتلك هى دعائم العظمة، أو هذا هو تحويل الليمونة الحامضة إلى شراب سائغ، كما يقول "كارنيجى" أوكما نقل عن "إيمرسون " فى كتابه "القدرة على الإنجاز" حيث تساءل: (من أين أتتنا الفكرة القائلة إن الحياة الرغدة المستقرة الهادئة الخالية من الصعاب والعقبات تخلق سعداء الرجال أو عظماءهم؟ إن الأمر على العكس، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو ناموا على الحرير، وتقلبوا فى الدمقس. والتاريخ يشهد بأن العظمة والسعادة أسلمتا قيادهما لرجال من مختلفى البيئات؟ بيئات فيها الطيب وفيها الخبيث، وفيها التى لا تميز بين طيب وخبيث.
فى هذه البيئات نبت رجال حملوا المسؤوليات على أكتافهم، ولم يطرحوها وراء ظهورهم .. ).
***

الصفحة 135