كتاب جدد حياتك

العمل بين الأثرة والإيثار
غريزة حب النفس أصيلة فى بنى آدم، ولا معدى عن الاعتراف بها ثم مراقبة سيرها فى الحياة حتى لا يشرد عن سواء الصراط.
وليست هذه الغريزة شرا محضا كما يبدو للنظر العاجل، فإن نشاط العمران على ظهر الأرض يعود قبل كل شىء إليها.
والقانون النفسانى العتيد القائم على حب اللذة وكره الألم، القائم على طلب المنفعة الخاصة ورفض الضرر، هو سر الاتصال الدائم فى مواكب الحياة والاتساع المستمر فى دائرتها.
بل لعله سر التقدم العلمى المطرد، والكشوف التى نقلت العالم من طور إلى طور.
وحب النفس إن يك طبيعة الناس فى الدنيا فعليه التعويل كذلك فى إحراز الآخرة، والزحزحة عن النار ودخول الجنة.
وليس ضعة بالمرء ـ كما يزعم الزاعمون أن يعبد الله ابتغاء جنته أو خشية ناره، إن ذلك كمال عظيم ومسلك كريم.
ولا تخد عنك عن هذه الحقيقة شطحات الصوفية وخيالاتهم الحائرة.
(قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)
وإنما تحذر هذه الغريزة وتتقى عواقبها عندما تمرض، وعندما تتورم وتتضخم، ويعانى صاحبها منها العنت، ويعانى منها الظلم والبطر.
وإحساس المرء بنفسه إذا زاد عن حده يحجبه عن الآخرين، ويحصره فى عالم خاص به.
ولا يزال ماضيا فى تكبير شأنه وتهوين غيره.

الصفحة 138