كتاب جدد حياتك

"أنا" التى يقولها امرؤ فى مجال الطمع غير "أنا" التى يهتف بها رجل فى مجال الفزع، وبين الاثنين بعد المشرقين.
والواقع أن الأثرة يجب أن تعالج منذ الطفولة المبكرة، حتى تنبت الناشئة وهى تنظر إلى نفسها وإلى غيرها نظرة لا جنف فيها ولا قصور.
وقد قلنا فى كتبنا الأخرى: إن الإسلام جعل "الأخوة" العامة نظاما عادلا تصان به الحقوق والواجبات، ويتم فيه تبادل العاطفة على نحو يرقى بالإنسان، ويجمع بين ما ينشده لنفسه وبين ما يجب عليه للآخرين.
ولعل من خير ما قيل فى آداب الأخوة ما نقله صاحب " قوت القلوب ": " ليكن صاحبك من إذا خدمته صانك، وإن قعدت به مؤونة مانك، وإن مددت يدك بخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك، وإن قلت صدق قولك، وان تنازعتما آثرك.
إن صديقك هو من يسد خللك، ويستر زللك، ويقبل عللك، ومن حق الصديق عليك أن تتجاوز له عن ثلاث: عن ظلم الغضب، وظلم الهفوة، وظلم الدالة".
وقد حكى "ديل كارنيجى" فى كتابه قصصا كثيرة يريد من سوقها انتزاع الأثرة من النفس، والزج بالإنسان فى دائرة المحبة الشاملة والأخوة العامة، وتدريب المرء على أن يكون فعالا للخير مقبلا على الناس بالبر والمرحمة والتكريم، ثم قال: (أخال الكثيرين ممن يقرأون هذا الفصل سيقولون لأنفسهم: هذا الحديث عن الاهتمام بالناس وإسعادهم إن هو إلا سخافة، إن هو إلا وعظ دينى متنكر، لا يا عم، يفتح الله، نفسى أولا وليذهب " الآخرون " إلى الجحيم.
إن كان هذا رأيك فليكن .. ولكنك إن حسبت أنك مصيب فكأنما تزعم أن كل الأنبياء والفلاسفة الذين تعاقبوا على مر العصور كانوا مخطئين.
وعلى أية حال إن كنت تنأى عن تعاليم الأنبياء والمصلحين الدينيين فتعال نسأل النصيحة اثنين من الملحدين، ودعنا نبدأ بالأستاذ "هوسمان " بجامعة كامبردج.
لقد ألقى فى عام 1936

الصفحة 140