كتاب جدد حياتك

محاضرة فى جامعة كامبردج قال فيها: لعل أعظم الحقائق التى وردت على لسان إنسان هى التى انطوى عليها قول السيد المسيح ـ عن ربه طبعا ـ: من وجد حياته يضيعها، ومن أضاع حياته من أجلى وجدها.
نعم، لقد سمعنا وعاظاً كثيرين يقولون مثل هذا القول، ولكن "هوسمان " ليس واعظا، وإنما هو ملحد، متشائم، فكر فى الانتحار أكثر من مرة، وبرغم ذلك كله فقد أحس أن الرجل الذى يقصر تفكيره على نفسه لا ينال من الحياة شيئا يذكر؟ بل أحرى به أن يكون شقيا تعسا، أما الرجل الذى ينسى نفسه فى معاونة غيره فيصيب متعة العيش.
فإذا لم يكن لقول "هوسمان " تأثير عليك فلنسأل النصيحة أعظم ملحد أمريكى فى القرن العشرين، وأعنى به "تيودور دريزر"، لقد سخر "دريزر" من الأديان جميعها " ووصفها بأنها أساطير الأولين، وقصص من نسج الخيال، وقال عن الحياة: "إنها قصة يرويها أبله، لا مغزى لها، ولا معنى".
ولكن "دريزر" برغم ذلك يقول: إذا شاء الرجل أن يستخلص من الحياة المتعة، فعليه أن يساهم فى اجتلاب المتعة للآخرين، فإن متعة الشخص تعتمد على متعة الآخرين، ومتعة الآخرين تعتمد على متعته).
***
من المحزن أن تصل سمعة الوعظ الدينى إلى هذا الدرك، حتى يضطر الموجهون ـ كى يقنعوا الآخرين بسداد نصائحهم ـ إلى الاستدلال عليها بكلام أكابر الملحدين!! ولماذا؟ ليعلم الناس أن الأمر ليس مصيدة لاقتناص ثواب الآخرة.
وليس استدراجاً لإطاعة أوامر الله.
لا ...
إن الأمر يقوم على حقيقة علمية يجب أن يستوى المؤمنون والكافرون فى احترامها.
إذن فلنحب غيرنا، ولنجتهد فى إسعاده، فذلك أفضل طريق لراحة أنفسنا وضمان سعادتها، وليس فى ذلك استجابة لوعظ أو إرشاد.
ونحن نعلم أن الأثرة نقمة على أصحابها وعلى الناس، وأن الله عز وجل شرع لنا من التعاليم ما يجنبنا نقائصها، وما يجعل من البشر جماعات متكافلة متعاونة على

الصفحة 141