كتاب جدد حياتك

وقد يكون المسلم فى مرتبة دون هذه وتلك، ليس له من بواعث الكمال ووسائل الترقى ما يجعله قويا ينفع أو معيناً يشفع.
فعليه عندئذ أن يلزم خاصة نفسه فيفعل الخير ويترك الشر، ويتمسك بالخصلة الباقية له من شعب الإيمان؟ فلعل هذا أن ينجو به، كما دل على ذلك ختام الحديث: " فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة ".
هذه هى معالم السلوك الطيب كما شرحها رسول الإسلام، تلمح فيها أن المؤمن خير كله، يتألق فى جبينه الشرف، وتلتمس فى سيرته المروءة، ويقبل عليه من يعرفونه ومن ينكرونه، وهم واثقون من نبل خصاله وكرم خلاله.
إن شر الناس عند الله من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره.
والمؤمن لن يكون كذلك أبدا، فصلته بالله عز وجل تجعله مرجو الخير مأمون الشر، ورسالته فى الحياة لا تجعله عضواً أشل ولا عضوا فاسدا، بل عضوا يحقق الصالح العام، ويرتقب فى ظله الأمان ونجح المقصد.
وقد ضرب رسول الله مثلا للمؤمن النخلة، كل شىء فيها ينفع، كأن المؤمن على اختلاف أحواله لن يكون إلا نافعاً، وإن تفاوتت مظاهر نفعه وتباينت آثارها، ولعل فى ذلك تفسيراً للآية الكريم: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها).
فالآية تشرح طبيعة المؤمن ونتائج صدق اليقين فى سلوكه.
إن فؤاده ينبوع جياش بالإحساس والإفضال، وحياته سلسلة موصولة الحلقات من فعل الخير ودعم المثل العليا وإبراز عناصر الفضيلة.
والجماعة المؤمنة يجب أن تكون صورة لما وعته تعاليم الإسلام من إعظام لخلال الخير، وإنكار لخلال الشر، صورة تجعل أهل الأرض جميعا ينظرون إلى أمتنا فتعجبهم أحوالها وتزدهيهم أفعالها.
فإن الناس لا تغريهم الأقوال المعسولة قدر ما تغريهم الأعمال الجليلة، والأخلاق الماجدة.

الصفحة 143