كتاب جدد حياتك

إن المرء يتجاوب مع معانى الخير والشر الطارئة عليه من الخارج، كما يتجاوب جهاز الاستقبال مع الموجات الطوال أو القصار التى ترسل إليه.
فبحسب وضعه وانضباط آلاته على جهة معينة تكون طبيعة الإذاعة التى تصدر عنه.
كذلك الإنسان إذا طابت نفسه أو خبث.
إنه فى الحالة الأولى يحيا فى جو من الخير تنحسر دونه موجات الإثم والعصيان، وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم فى قوله عن الشيطان:
(إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)
أما فى الحالة الأخرى فإن المرء يستجيب لدوافع الجريمة التى تلح عليه، وتسوقه إلى مصير كئيب، وذلك قول الله عز وجل:
(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا * فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا).
وقد طلب الله من عباده أن ينقوا سرائرهم من كل غش، وأن يحفظوا بواطنهم من كل كدر، وأن يتحصنوا من كيد الشيطان بمضاعفة اليقظة وإخلاص العمل، وصدق التوجه إليه جل شأنه.
وأنزل سورة كاملة تدعو إلى الوقاية من الهواجس الوضيعة والخواطر المظلمة، وتحفظ على المرء إشراق روحه ونقاوة جوهره.
وإليك السورة كاملة:
(قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس)
هذه الاستعاذة تصور لجأ المؤمن إلى الله يحتمى بقوته ويستجير بعزته، أن يبقى عليه جمال نفسه غير مشوب بوسوسة شيطان، ولا معيب بنية غدر أو ختل أو شر لأحد من الناس.

الصفحة 152