كتاب جدد حياتك

والاستعاذة لا بد معها من عمل.
فإذا قال الفلاح: أعوذ بالله من القحط، فما يقبل منه ذلك إلا إذا كان يقوله وهو يحرث أرضه، ويسقى زرعه، ويتعهد جهوده حتى تبلغ نهايتها.
وإذا قال التلميذ: أعوذ بالله من السقوط، فما يغنيه هذا إلا إذا أقبل على دروسه يستذكرها، وعلومه يحصلها، ومعارفه المشتتة يصل قاصيها بدانيها.
وإذا قال المسلم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فما يجديه هذا إلا أن يكون مقاوما لإغراء الشر، مدافعا للسيئات التى تعرض له، دائم التحليق مع معانى العبادة المفروضة عليه.
أما أن يقول: أعوذ بالله وهو مخلد إلى الأرض يتبع هواه، فذلك ضرب من التناقض، لا ينطلى على عالم الغيب والشهادة.
الإسلام فى عالم النفس جمال ينفى القبح، ونظام يطارد الفوضى.
والعظمة الحقيقة أن يستقر المرء فى دخيلة نفسه على حال من السكينة واليقين ييأس معها الشيطان أن يقذف فى روعه بنكر.
انظر إلى الريح العاصف، إنه يهب على الصحراء فيثير فيها الغبار.
ويهب على الماء فيغضن وجهه، ويحرك لججه.
ولكنه يناوش الجبال الشم فلا ينال منها منالا.
والإنسان إذا كان أمره فرطا، فإن وساوس الشيطان تثير داخل نفسه زوابع لا ينتهى لها دوار ولا عكار.
أما يوم يحزم أمره، وينتظم الإيمان شئونه كلها، فهيهات أن يهتز لهجمات الأبالسة.
وإصلاح النفس لا يتم بتجاهل عيوبها أو بإلقاء ستار عليها.
وتجميلها لا يكون بإقامة إهاب نضر تكمن وراءه شهوات غلاظ وطباع فجة.
الحسن المحبوب أن يستوى الظاهر والباطن فى نصاعة الصحيفة واستقامة السيرة.
(وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون)

الصفحة 153