كتاب جدد حياتك

وحسهم فى هذه المجالات الراقية بلغ من الدقة شأواً لا نعرف له نظيراً.
وهم يهيبون بالإنسان أن يرتفع، ويناشدونه فى حرارة وإخلاص أن يقاوم ذرائع السقوط.
ويذكرونه بأنه يملك ـ من فطرته الأصيلة ـ ما يستطيع به الاستعلاء.
ومن الآداب التى ذكروها نلمح أنهم لا يعرفون التدين إلا يقظة فى العقل، ونبلا فى العاطفة، وسيادة لا تلحقها ضعة، وتحليقا لا يدنيه إسفاف.
لقد وضعوا طرائق للرياضة النفسية تعد من أبدع الدساتير فى عالم الأخلاق، وهم يوصون مدمنى الشهوات بملاحظة الأمور الآتية، وهى كفيلة بتخليص أسير الهوى من براثن الشيطان عندما يغريه بمواقعة المعصية: الأول: عزيمة حر يغار لنفسه وعليها.
الثانى: جرعة صبر يحمل نفسه على مرارتها ساعة الإغراء.
الثالث: قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة.
والشجاعة كلها صبر ساعة، وخير العيش ما أدركه العبد بصبره.
الرابع: ملاحظة حسن موقع العاقبة، والشفاء بتلك الجرعة.
الخامس: ملاحظته أن ما ينشأ عن الهوى من ألم أشد مما يحسه المرء من لذة.
السادس: إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى.
وفى قلوب عباده، وهو خير وأنفع له من لذة مرافقة الهوى.
السابع: إيثار لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية.
الثامن: فرحه بغلبة عدوه؟ وقهره له، ورده خائباً بغيظه وغمه وهمه؟ حيث لم ينل أمنيته.
التاسع: التفكير فى أنه لم يخلق للهوى، وإنما هيئ لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصية الهوى.

الصفحة 155