كتاب جدد حياتك

العاشر: أن يكره لنفسه أن يكون الحيوان البهيم أحسن حالا منه؟ فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه فيؤثر النافع على الضار، والإنسان أعطى العقل لهذا المعنى.
الحادى عشر: أن يسير بفكره فى عواقب الهوى، فيتأمل كم أفاتت عليه معصيته من فضيلة، وكم أوقعته فى رذيلة، وكم أكلة منعت أكلات، وكم من لذة فوتت لذات، وكم من شهوة كسرت جاهاً، ونكست رأساً، وقبحت ذكراً وأورثت ذماً، وألزمت عاراً لا يغسله الماء، غير أن عين الهوى عمياء.
الثانى عشر: أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه، ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر، وما فاته وما حصل له.
الثالث عشر: أن يتصور ذلك فى حق غيره حق التصور، ثم ينزل نفسه تلك المنزلة، فحكم الشىء حكم نظيره.
الرابع عشر: أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك، ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه ليس بشىء.
الخامس عشر: أن يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى، فإنه ما أطاع أحد هواه إلا وجد فى نفسه ذلا، ولا يغتر بصولة أتباع الهوى وكبرهم، فهم أذل الناس بواطن، قد جمعوا بين الكبر والذل.
السادس عشر: أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه، وبين نيل اللذة المطلوبة، فإنه لا يجد بينهما نسبة البتة، فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا.
السابع عشر: أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه، فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة، وسقوط همة، وميلا إلى هواه، طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد.
ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس، وعلو همة، لم يطمع فيه إلا اختلاساً وسرقة.

الصفحة 156