كتاب جدد حياتك

بين الإيمان والإلحاد
لقيت نفرا من الشبان الملحدين ـ وهم للأسف منتشرون فى هذه الأيام انتشار الحلفاء والحشائش الضارة فى أرض لا صاحب لها ـ وحاورت بعضهم أبغى استكشاف ما فى نفسه، فوجدت فكرتهم عن الله أشبه بفكرة اللقيط عن أبيه لا يعرفه ولا ينصفه!! ـ ووجدت جمهرتهم تفكر بهذا الإله عن تقليد أعمى غرور بليد.!!
فهم يحسبون أن العلم والإيمان ضدان.
وإن الارتقاء الثقافى يصحبه حتما إقصاء الدين من الطريق!!
ثم هم يرون أنفسهم ـ وإن لم يدرسوا شيئا طائلا عن علوم المادة ـ قد أصبحت لهم مكانة العلماء الذين فجروا الذرة. فهم يصطنعون نظرتهم نفسها عن الحياة وخالقها كما تحكى لهم لا كما هى على حقيقتها، ومن ثم فهم يتبعون الأخس الأخس من قصور فى العلم وسوء فى التقليد!!
أعرف واحداً من هؤلاء ما نظر يوماً فى مرصد للأفلاك، ولا دخل يوماً معملا للكيمياء، ولا غمس يده فى تجربة خطيرة من التجارب الكونية، ومع هذه الجهالة فهو ملحد، لأنه من العلماء، والعلماء لا إيمان لهم إلا بالمادة.
ويمكنك أن تضم إلى هؤلاء الأغرار طائفة أنصاف المتعلمين.
وهى طائفة عرفت بعض الحق وجهلت بعضه الآخر.
ولم تتريث لتستكمل معرفتها، بل أصدرت حكمها الحاسم على ضوء ما عرفت فقط.
وتصور كيف تكون فوضى التقاضى لو أن القضاة أصدروا أحكامهم بعد الاستماع لنصف روايات الخصوم ونصف دفاع المحامين؟! كذلك فعل أولئك الملحدون!! فقد أعلنوا كفرهم بعد أنصبة محدودة من الدراسة التى نقلت إليهم بعض خصائص الأشياء، وكشفت لهم بعض آفاق الوجود، وحكت لهم بعض فصول القصة.

الصفحة 158