كتاب جدد حياتك

وهذا النوع من الكفر أعقد من صاحبه الأول لأنه أوغل فى باب الغرور والتقليد.
قال "فرانسيس بيكون ": (إن قليلا من الفلسفة يجنح بالعقل إلى الإلحاد، ولكن التعمق فى الفلسفة خليق أن يعود بالمرء إلى الدين).
وقال: "ديل كارنيجى": (إنى لأذكر الأيام التى لم يكن للناس حديث فيها سوى التنافر بين العلم والدين، ولكن هذا الجدال انتهى إلى غير رجعة).
***
وأرانى مضطرا إلى تقرير حقيقة قد تغرب عن بال كثيرين، هى أن هناك فارقا بين الإيمان بالله كما وقر فى نفوس لفيف ضخم من المفكرين والعظماء، وبين الانتساب إلى دين من الأديان المعروفة ت خصوصا فى الغرب.
فإن العلم المجرد هدى ألوف العلماء إلى الله، ووقفهم أمام قدرته الرائعة مبهورين.
وكذلك فعل التفكير السليم عند كثير من الساسة والقادة.
بيد أن أولئك الذين خالجهم إحساس قوى بأن للعالم ربا جليلا، استراحوا إلى هذه المرحلة من مراحل الإيمان، وكرهوا استكمال زادهم الروحى مما يعرفون من أديان.
وهم معذرون فى هذا التوقف إلى حد ما، ففى أى طريق يسيرون لطلب المزيد من معرفة الله؟! إنهم إن كانوا هودا أو نصارى لن يجدوا فى كنائسهم ولا فى صحائفهم ما يغرى بتزيد من علوم الدين.
إن ومضات عقولهم أبانت لهم جانباً من جلال الألوهية المبدعة للوجود، فلم يزجون بأنفسهم فى مشكلة لا تسيغها عقولهم أبدأ؟ وهى أن هذه الألوهية مكونة مثلا من ثلاثة أقانيم: أقنوم الآب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس؟! إذن فليقفوا عندما عرفوا.
ولينشئوا سلوكهم فى الحياة على ما يطمئنون إلى صحته من تجارب وأفكار، بعيدا عما يقوله أولئك الكهان والرهبان.
وأذكر أن الكاهن كلف بزيارة "الماريشال جورنج " فى أيامه الأخيرة، بعد ما سجنه الحلفاء تمهيدا لشنقه، أخذ يؤدى واجبه الدينى فى تعزية القائد الألمانى المقهور.

الصفحة 159