كتاب جدد حياتك

وما عساه يقوله راهب نصرانى يؤمن بصلب عيسى فداء عن البشر وخطاياهم؟! على أية حال لقد شرع يتكلم، حتى قاطعه "جورنج " بقوله: يا أبتاه، أنا مؤمن بالله، وأعتقد أن المسيح رجل نبيل.
تلك عقيدة الرجل، إنه هو وألوف من الساسة والقادة والعلماء والعظماء يؤمنون بالله، وهذا حق، ويؤمنون بأن المسيح إنسان نبيل وهذا حق.
أما ما عدا ذلك فلديهم صدود عن قبوله كما يصد المرء عن طعام يعافه.
فليبتعد عنه فى صمت، إذ لا ضرورة فى النعى عليه ما دام ليس هناك إكراه على ازدراده.
وجمهرة العلماء والمفكرين فى العالم الصليبى على هذا الغرار.
أما العلماء اليهود فمعرفتهم بالله يصحبها شعور غامر بجنسهم المضطهد.
ولديهم بقايا من توحيد الله لم يشبها التثليث الذى اعتنقه النصارى.
وهؤلاء العلماء يعتقدون فى قرارة أنفسهم أن كنائس النصارى تقوم على عبادة رجل ولد لغير رشدة، جاءت به أمه عن اتصال حرام!! وأغلبهم يحمل من الإفك والضغينة ما يجعله شراً مستطيراً على الناس.
وأقلهم من هذبه العلم، وكفكف ما فى طبعه من قسوة وحقد.
والمهم أن الإيمان بالله بديع السموات والأرض لم يزل ـ كما كان ـ قائماً بالأنفس، ولم يزل صوت الفطرة العالى، وإن أخفته أحياناً ما يحيط به من إضافات ضالة.
وهذا الإيمان طرف الحقيقة التى بلغت تمامها فى الإسلام.
والرجال الذين تجيش مشاعرهم به، هم فى تلك اللحظات المتألقة أقرب إلى الإسلام منهم إلى أى دين آخر.
وقد أخذ الله على هؤلاء أنهم يحسنون معرفته فى لحظات شدتهم .. ثم ينسونه عندما تدركهم العافية: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين

الصفحة 160