كتاب جدد حياتك

قال ابن عطاء الله يحض على التسليم لله، ويحصى آداب التجرد:
الأول: علمك بسابق تدبير الله فيك، وذلك أن تعلم أن الله كان لك قبل أن تكون لنفسك.
فكما كان لك مدبراً قبل أن تكون ولا شئ من تدبيرك معه، كذلك هو سبحانه مدبر لك بعد وجودك.
فكن كما كنت له، تكن لك كما كان لك.
الثانى: أن تعلم أن التدبير منك لنفسك جهل منك بحسن النظر لها.
الثالث: علمك بأن القدر لا يجرى على حسب تدبيرك، بل أكثر ما يكون هو ما لا تدبر، وأقل ما يكون ما أنت له مدبر.
الرابع: علمك بأن الله تعالى هو المتولى لتدبير مملكته، علوها وسفلها، وغيبها وشهادتها، وكما سلمت له تدبيره فى عرشه وكرسيه وسماواته وأرضه، فسلم له تدبيره فى وجودك بين هذه العوالم.
وسيثب إلى الذهن حتما بعد الاستماع إلى هذه النصائح أن الإنسان لكى يتم يقينه يجب أن يتجرد من حوله وطوله وأن ينخلع من قواه وأن يهمل الأسباب وأن ينتظر من تدبير الله بعدئذ أن يقضى له ما يشتهى.
وهذا خطأ محض، وما إليه قصد ابن عطاء الله، ولا به عمل " مستر فورد ".
فإن شعور الإنسان بحوله ضرورة.
ونهوضه للأسباب المعتادة حق.
ولذلك يستدرك ابن عطاء الله بعد كلامه السابق فيقول: (إن التسبب لا ينافى التوكل).

الصفحة 163