كتاب جدد حياتك

انظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا"، تراه يدل الأمر بالتوكل، لا على نفى الأسباب، بل إنه يدل على إتيانها بقوله: تغدو، وتروح! فقد أثبت لها غدوا ورواحا.
وهذا سببها الذى تحيا به وتعيش عليه.
ونقول نحن: إن الإسلام يرفض كل تشكيك فى حرية الإرادة.
ويرد بعنف كل توهين للطاقة العظيمة التى منحها الإنسان كيما يكدح فى هذه الدنيا، ويرتقب نتائج كدحه.
غير أننا عندما ننظر إلى شؤوننا على ضوء الواقع لن يفوتنا أن نلحظ ضيق الدائرة التى نعمل فيها بقدرنا وارادتنا بالقياس إلى الدائرة الواسعة التى تعمل فيها القدرة العليا، والإرادة العليا.
والأسباب التى نتعلق بها محكومة بمجالات رحبة لا سلطان لنا عليها فى أغلب الأحيان.
ومن ثم فلنكفكف غرورنا بما نملك، ولا نحاول بنفخ الفم أن نغالب عصف الرياح.
ذلك ما ينشده دعاة التجريد، أن تستمسك بالأسباب، وأن تستريح إلى ما يصنع الله بعد.
* * * *
على أننا مضطرون إلى أن نلقى هذه النصائح بقليل أو كثير من الحذر.
فإن كلمة "خفف السير" قد تقال لسائق عجل يندفع إلى الأمام بسرعة ربما تودى به.
أما إذا وجهت الكلمة لقاعد يلعب، أو ماشي متمهل فهى لغو قبيح.
والأمريكان المسعورون وراء حطام الدنيا يقنطهم الفشل، ويبطرهم الظفر، محتاجون إلى كلام "فورد" و"ابن عطاء الله " وغيرهم.
أما الوانون المتراخون من أهل الشرق فلهم كلام آخر أحسن سياقا، وأفعل أثرا.
وأقطار الشرق الإسلامى الآن مزيج من الصنفين المتناقضين.

الصفحة 164