كتاب جدد حياتك

يوجد فيهم من يقال له: اعمل لتحيا، ومن يقال له اهدأ لتحيا.
وإلى البكائين على ما فات، المتحيَّرين وراء تحقيق المعجزات، الدائرين حول محور من أنفسهم يصارعون المنى وتصارعهم دون الانتهاء إلى قرار.
إلى هؤلاء نوجه كلمة "وليم جيمس ": "إن بيننا وبين الله رابطة لا تنفصم، فإذا نحن أخضعنا أنفسنا لإشرافه ـ سبحانه وتعالى ـ تحققت أمنياتنا وآمالنا كلها ".
أما القاعدون فى ظلام الركون إلى الأقدار فإنهم يضربون ـ باسم الله ـ كى ينهضوا إلى ميدان العمل.
***
ومن الناس من يحترم الإيمان، ويسعى لإشاعته فى المجتمعات، لا لأن الإيمان حق، بل لأن آثاره فى النفوس والجماعات مستحبة.
ولذلك يقول: لو لم يكن هناك إله لوجب أن نجعل للناس إلها يطلبون رضاه، ويخافون عذابه.
فالإيمان عند هؤلاء ضرورة اجتماعية لحفظ الأمن وترويض العوام.
وهم لذلك لا يكترثون لكنه هذا الإيمان، ولا لمتعلقاته.
ليكن ما يكون ما دام يؤدى نتائجه القريبة.
وهذا تفكير سخيف، وإزراء بحقيقة الدين وقيمته، بل استهانة بالحقيقة نفسها وبأقدار عارفيها.
فإن الاعتراف بوجود الله يجب أن يكون خضوع العقل والفؤاد للأدلة التى استبانت صحتها، ولا محيص عن المصير إليها والتسليم بها.
أما إذا تظاهرت الدلائل على أنه لا إله هنالك، فإن ربط العامة أو الخاصة بوهم كبير يعد خدعة سمجة.
ونحن نجل الحياة والأحياء عن هذا اللون من الخداع، ونرى أن يفتح البشر أعينهم على الحق وحده.
فالإيمان بالله الواحد ليس لعبة سياسية، أو تشريعا استثنائيا.

الصفحة 165