كتاب جدد حياتك

إن الركض فى ميادين الحياة بقدر ما يجلل البدن بالغبار والعرق يجلل الروح بالغيوم والأكدار.
والمرء ـ إثر كل شوط طويل ـ يحتاج إلى ساعة يلم فيها شعثه، ويعيد النظافة والنظام إلى ما تعكر وانتكث من شأنه كله.
وليست الصلاة إلا لحظات لاسترجاع هذا الكمال المفقود أو المنشود.
عن أبى سعيد أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "الصلوات الخمس كفارة لما بينها.
أرأيت لو أن رجلا كان يعمل، وكان بين منزله وبين معمله خمسة أنهار، فإذا أتى معمله عمل فيه ما شاء الله فأصابه الوسخ أو العرق، فكلما مر بنهر اغتسل، ما كان ذلك يبقى من درنه؟ فكذلك الصلاة، كلما عمل خطيئة فدعا واستغفر غفر له ما كان قبلها ".
وآه من سعار المادة الذى يلفح الوجه فى معركة الخبز!.
إن البشر يقتحمون هذه الساحة المائجة وغرائز الأثرة أيقظ ما تكون فى دمائهم!.
إن حوائجهم وحوائج أسرهم وأرحامهم هى التى يرون فى أثناء هذا السباق الطويل.
أما التراحم والإيثار والبر فقلمها تبدو صورها النبيلة لأعينهم.
وترك الناس تصرعهم هذه المشبوبة قتل لكل ما فى الإنسانية من فضائل.
فلا عجب إذا شرع الله الصلاة للناس كيما تنجيهم من هذا السعير بين الحين والحين.
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملكا ينادى عند كل صلاة: يا بنى آدم، قوموا إلى نيرانكم التى أوقد تموها فأطفئوها".
وفى رواية: "تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا".

الصفحة 172