كتاب جدد حياتك

والله عز وجل يصف بعض المطرودين من ساحته فيقول:
(أفرأيت الذي تولى * وأعطى قليلا و أكدى). ويقول فى المكذبين بكتابه:
(وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين).
فالأشرار قد تمر بضمائرهم فترات صحو قليل ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها.
ولا يسمى ذلك اهتداء، إن الاهتداء هو الطور الأخير للتوبة النصوح.
* * *
إن البعد عن الله لن يثمر إلا علقما، ومواهب الذكاء والقوة والجمال والمعرفة تتحول كلها إلى نقم ومصائب عندما تعرى عن توفيق الله وتحرم من بركته.
ولذلك يخوف الله الناس عقبى هذا الاستيحاش منه، والذهول عنه.
قد تكون سائراً فى طريقك فتقبل عليك سيارة تنهب الأرض نهبا وتشعر كأنها موشكة على حطم بدنك وإتلاف حياتك، فلا ترى بداً من التماس النجاة وسرعة الهرب ...
إن الله يريد إشعار عباده تعرضهم لمثل هذه المعاطب والحتوف إذا هم صدفوا عنه، ويوصيهم أن يلتمسوا النجاة ـ على عجل ـ عنده وحده:
(ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين).
وهى عودة تتطلب ـ كما رأيت ـ أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهدا يجرى على فمه هذا الدعاء: "اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك على، وأبوء بذنبى، فاغفر لى، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ".

الصفحة 18