كتاب جدد حياتك

من هؤلاء الدعاة الكرام؟. ومن ذلك العلم الباسق؟.
هؤلاء النبيون الذين وكل إليهم أن يهدوا الناس ردحاً من الزمن فى العصور الأولى.
أما هذا النبى المتفرد، فقد كلف أن يهدى الناس الدهر كله، وأرسل بكتاب يبقى بينهم، ما بقى الليل والنهار!!.
وسط أولئك الصالحين المصلحين تلمح- فى خشوع وتوقير- محمد بن عبد الله صاحب الرسالة الخاتمة، وملتقى العقائد والفضائل التى ناط القدر بها صلاح الأولين والآخرين إنه المثل العليا كلها فى إطار من اللحم والدم، تستطيع أن تعرفه فى يسر من الكتاب الذى جاء به، ومن الحكمة التى يتفجر بها منطقه.
بيد أنك لن تستطيع الاتصال به إلا إذا نشدت لنفسك المثل الرفيعة التى تحيا فى سيرته.
أما الواقفون مع أنفسهم فى بداية الشوط، فهيهات أن يرتبطوا به.
العصاة الذين يبغون التوبة، والجهال الذين يطلبون العلم، والحائرون الذين يبحثون عن قرار، والقاصرون الذين يسعون وراء الكمال، أولئك جميعاً فى جهادهم لبلوغ أهدافهم سوف يعرفون الكثير عن "محمد" لأنهم سيهتدون بآيِهِ، وينتفعون بنصحه.
ولن يعرف "محمدا" أبدا من سفه نفسه، وحقر عقله وقلبه.
إن من خصائص القيادات الروحية الكبرى أنها تقدح زناد النشاط الإنسانى فيمن اقترب منها، وتطلق قواه الكامنة ليخدم الحقيقة الكبرى فى حدود ما أوتى.
وإذا كان الزعماء القوميون يتيحون فرصاً واسعة لخدمة الوطن مثلا عندما يهبون للنهوض به وإعلاء شأنه، فالقادة الروحيون يهيئون لأتباعهم وحوارييهم فرضاً أوسع لإحراز الكمال، ثم لغرسه فى دنيا الناس، لتحلو به هذه الدنيا وتعلو.
ومن ثم قلنا: لا يعرف محمداً صلى الله عليه وسلم من احتبس فى سجن الدنايا، أو قعد عن نصرة الحق والخير.

الصفحة 183