كتاب جدد حياتك

الله الأكبر الأكبر، نور السموات والأرض.
الله الأكبر الأكبر، حسبى الله ونعم الوكيل.
الله الأكبر الأكبر".
إن ألفاظ اللغة حين تعجز عن ملاحقة هذا الجيشان المنساب فى كل دعوة، تجعل الرسول المنيب المتعبد يلجأ إلى التكرار فى العبارة الواحدة لينفس عما استكن فى صدره من روعة ومحبة وإجلال.
إنه فى ظاهره ترداد للفظ واحد، وهو فى باطنه تعبير عن معان متجددة من الولاء والهيام ويستوقفك فى هذا الدعاء أن تتوسط شهادة النبى لشخصه بالرسالة بين توحيد الله والإقرار بأن العباد كلهم إخوة.
ما معنى أن يقول محمد لربه: "أشهد أن محمدا عبدك ورسولك "؟ ذلك ضرب من الإصرار على تحمل الأمانة وإبلاغ الرسالة للناس كافة، مهما كذبوا بها وتنكروا لصاحبها، إن الرجل الذى يحس بأن العالم أجمع يستغرب بعثته، وأن قوى الشر فيه تحاول زحزحته، وأنها قد تفلح أحياناً فى الكيد له وإشعاره بالعزلة والضعف، إن هذا الرجل يرى من الطبيعى أن يشهد لنفسه بالحق لتكون هذه الشهادة المتكررة ردا بليغاً على المرجفين والمكذبين.
وهى تجىء بعد أن يقذف الروح الأمين فى قلبه شهادة أخرى من الله ومن الملأ الأعلى، تؤكد هذه الحقيقة.
(لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا)
وإنك لتسمع دوى الوحى وهو يرسل هذه الشهادة مرة أخرى، فتحس فى نبراتها زمجرة صاحب الحق وهو يجبه المفترين ويخجلهم من باطلهم، ويمضى فى ذكر ما عنده من صدق بين، وأدلة دامغة:

الصفحة 185