كتاب جدد حياتك

(قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون).
* * *
والمُشاهد فى سيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن حدة الانتباه الذهنى تسودها كلها.
فأمثالنا قد يثور انتباهه لبواعث مفاجئة، تم تركد مشاعره لزوالها.
أما هذا النبى الكريم فهو فى نهاره مستجمع الفكر مركزه، لا يكاد يمسه فتور أو ذهول عن شىء، دق أو جل.
فإذا نام نضحت هذه الحساسية الشديدة على حالته النفسية، فهو فى رقاده يقظان القلب.
ونبهة النهار ويقظة الليل تقوم على هذا الاتجاه المستمر إلى الله، والتشبث العجيب بذكره.
إذا أوى إلى فراشه قال: "اللهم أسلمت نفسى إليك، وفوضت أمرى إليك، وألجأت ظهرى إليك، رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك. أمنت بكتابك الذى أنزلت، وبنبيك الذى أرسلت ".
انظر إلى هذا التفانى فى مرضاة الله، ثم إلى هذا الختام الذى يعلن فيه الرسول إيمانه بنفسه وكتابه.
إنه ـ كما أبنا ـ عزيمة وإصرار.
وهو كذلك إقرار من الداعية أنه أول من يصدع بواجبات دعوته، وأول من يلبى مطالب رسالته، وأول من يطيع أمر الله، وينفذ حكمه، ويقيم حده ويعلى شعائره.
روى ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال:

الصفحة 186