كتاب جدد حياتك

ورقى معنوياته جزء من صميم ذاته، لا يمكن أن يتخفف عنه، أو تتفاوت قيمته بين ارتجال وإعداد.
أما كثير من العظماء فارتقاؤهم الأدبى عرض! اكتسبوه بوسائل معينة، وضوابط خاصة.
وهم على حق إذ يتوجسون من ضياعة، أو نقص حرارته، مع مخالطة الجهال والدهماء.
لكنك ترى هذا النبى الجليل بين أفواج الأعراب، وصخب الجماعات المختلفة يرسل كلمه الرتيب فلا تدرى بأيهما تعجب؟.
برقة الروح الذى يصحب عباراته، أم بروعة التنسيق الذى يؤلف بين ألفاظه؟!.
وكلا الأمرين لا يقترب منه إلا صاحب قلم ينشد الصفاء لنفسه، والهدوء لفكره، ثم بعد ذلك يكتب فى روية وأناة ومهل.
ولا ريب فى أن مصدر هذا العلو الدائم، والقوة المصاحبة هو ما أشرنا إليه آنفاً من اتصال قلبه برب الأرض والسماء، وجريان فكره فى نسق لا تدركه الخاصة بلة الدهماء.
* * * *
وطبيعى أن يعيش صاحب هذه الرسالة طيلة عمره مُبَرَّأً من كل عيب منزهاً عن أية ملامة.
لا يؤثر عنه فى سره وعلنه ورضاه وسخطه إلا ما تهوى العلا.
ما من كبير إلا وله سقطة، حتى لقد تواضع الناس أن يغتفر بعضهم لبعض هنات أو سيئات لا بد أن يواقعوها.
لكن هناك صنفا من الناس ليس فى شرابهم قذى قط.
هم المصطفون الأخيار من عباد الله.
وفى الطليعة الوضاءة من هذا النفر النقى إمام فذ، ورحمة مُهداة، ونبى معصوم.
هو محمد بن عبد الله.
صلوات الله عليه فى الأولين والآخرين.
* * * *

الصفحة 188