كتاب جدد حياتك

بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك
رذيلة الحسد قديمة على الأرض قدم الإنسان نفسه.
ما إن تكتمل خصائص العظمة فى نفس، أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوى جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغَّصاً لا يريحه إلا زوال النعمة، وانطفاء العظمة، وتحقق الإخفاق.
وقد كنت أظن أن مسالك العظماء، وأنماط الحياة المترفعة التى تميز تفكيرهم ومشاعرهم هى السبب فى كراهية الساقطين لهم وتبرمهم بهم.
ثم تبينت خطأ هذا الظن، فكم من موهوب لا تزيده مَجَادته إلا تقربا إلى الناس وعطفا عليهم.
ومع ذلك فإن التعليقات المرة تتبعه، وكذلك التشويه المتعمد لآثاره الطيبة، والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة! فما السر إذن؟ السر أن الدميم يرى فى الجمال تحدياً له، والغبى يرى فى الذكاء عدوانا عليه، والفاشل يرى فى النجاح إزراء به، وهكذا .. !! فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟.
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوباً، فقل لى: كيف أعتذر؟ وقد رأى أحد العلماء أن يضع حداً نفسياً لهذا العراك بين أولى الفضل والمحرومين منه، فقال:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم … قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسدوا
فدام لى ولهم ما بي وما بهموا … ومات أكثرنا غيظا بما يجد
وليت الأمر ينتهى باستجابة هذا الدعاء.

الصفحة 189