كتاب جدد حياتك

وبعض الأقوياء تتحول عنده قلة الاكتراث بالناس، وإساءة الظن بما يبدون من آراء، أو يكنون من مشاعر إلى عاطفة تفيض بالزراية وتمتلئ بالقسوة، على نحو ما قال "المتنبى":
ومن يعرف الأيام معرفتي بها … وبالناس روي رمحه غير راحم
ونحن لا نقر هذا الانحراف فى إهدار القيم.
وكل ما نوصى به ألا تعطى العامة فوق ما لها من حقوق عقلية أو خلقية، فإن مستويات الجماهير لا تتحكم فى تقرير الحق، أو تحديد الفضيلة.
بل تؤخذ الحقائق والفضائل من ينابيعها الأصيلة دون مبالاة بالجاهلين لها أو الخارجين عليها، وإن كانوا ألوفا مؤلفة.
وعلى الرجال الكبار أن يبنوا سلوكهم فوق هذه الأسس، فلا يتبرموا بالنقد المثار، أو يقلقوا لكثرة الهجامين والشتامين.
قال " ديل كارنيجى ": (قابلت ذات يوم " جنرال سميدلى بتلر " الملقب بشيطان الجحيم، والمعروف بأنه من أحزم القواد الذين تعاقبوا على بحرية الولايات المتحدة، فأخبرنى أنه كان فى صباه طموحاً إلى الشهرة الواسعة، والجاه العريض، وقوة الشخصية.
ولهذا كان يضيق بأقل ما يوجه إليه من نقد، ويهيج لأتفه ما يمس الكرامة والكبرياء.
غير أن الأعوام الثلاثين التى قضاها فى البحرية غيرت طباعه، وجعلته أمنع من أن ينال منه النقد.
قال لى: لطالما ذقت صنوفاً من الإهانة والإذلال، وطالما رميت بأنى كلب عقور، وحية رقطاء، وثعلب مراوغ.
ولطالما لعننى خبراء فى فن الشتم فلم يدعوا مقذعاً من ألوان السباب إلا رمونى به!!.
فهل ترانى ألقيت بالا إلى ذلك كله؟ كلا.

الصفحة 196