كتاب جدد حياتك

ودلفت إلى المقابر الموحشة الواقعة بعيدا عن العمران!!.
وأخذت أنقل خطوى بين دروبها الضيقة، وعيناى تستشفان كل شىء حولى، وقلبى لا يفتأ يدق.
وكانت رحلة شعرت من أعماقى بكرهى لها، ولكن ما منها فى نظرى بد.
لقد قررت أن أدخل هذه المقابر من طريق، وأخرج من طريق آخر، وأن أكرر هذه الجولة فى ليال عدة لأغالب فى نفسى هذا الخوف الذى لا يليق بى.
لقد كنت فى ميدان الرياضة النفسية أتعسف الطريق أحيانا كثيرة لقلة المرشدين الذين يرعون الناشئة، وندرة الثقافات التى تأخذ بناصيتهم إلى الصراط المستقيم ومع ما خلفته فى أعصابى هذه المحاولات المضنية، فلست آسفا على ما بذلت من جهد، أخطأت فيه أو أصبت، فلأن أشتط فى حساب نفسى أفضل من أن أدعها تنطلق من غير حساب.
* * * *
وكان يمكن أن تكون مواريث التصوف فى ثقافتنا الإسلامية هاديا حسنا لوضع رقابة حصيفة على النفس، تخلصها من أفاتها، وتبلغ بها ما تطيق من آفاق السمو، لولا أن كتب التصوف بحاجة إلى غربلة شاملة تفصل ما فيها من جوهر عما فيها من حصى.
فما أيسر أن يوصف الداء فى هذه الكتب على أنه دواء!!.
ومن ثم يختلط الدواء القاتل بالشفاء الصحيح.
وتختلط أقوال المجانين والسفهاء بحكم العارفين والفلاسفة.
وقد كان "ديل كارنيجى" شبيهاً بحكماء المتصوفة عندما نوه بضرورة محاسبة النفس فيما حكاه عن "هـ.
ب هاول " من رجال المال الأمريكيين، فقد كان يخصص مساء السبت من كل أسبوع لمراجعة ما كسب واكتسب، والتأمل فى كل مقابلة تمت، وكل مناقشة دارت، وكل عمل أنجز.
ثم يسأل نفسه: أى خطأ ارتكبه، أى توفيق صادفه؟ وهكذا.

الصفحة 203