كتاب جدد حياتك

خاتمة
لكى تصون الحقيقة وتضبط حدودها، يجب أن تعرف هذه الحقيقة وأن تعرف غيرها معها.
قد تقول: "وما شأن هذا الغير؟! ".
ولماذا يخدش الجهل به حسن التصور للحق المجرد؟.
والجواب أن الصورة الكاملة لا بد لها من حدود تنتهى إليها، وعند النهاية المرسومة لهذه الحدود تبدأ حقائق مغايرة.
ولن تتميز معرفة الشىء إلا إذا عُرفت الأغيار المجاورة له أو المشتبهة به، ولذلك قال الأقدمون: "بضدها تتميز الأشياء".
والناس فى معاملاتهم المالية إذا باعوا عقارا لم يكتفوا بذكره، بل شرحوا حدوده الأربع، وجعلوا من ذكر القطع المجاورة وبيان أصحابها سياجا لضبط الحقيقة التى تعنيهم وحدها، ولا يعنيهم غيرها إلا تبعا لها.
وقد كان "عمر" حريصا على تعريف الجاهلية للناس، لا لأن تعريف الجاهلية دين، بل لأن معالم الإسلام ومواقع إصلاحه لا تستبين إلا إذا عُرفت الظلمات والمظالم التى جاء هذا الدين لتبديدها ومحو شاراتها.
قال "عمر": "إنما ينحل الإسلام عروة عروة إذا نشأ فى الإسلام من لا يعرف الجاهلية "!!.
من هنا كان لزاما على كل مشتغل بعلوم الإسلام أن يدرس الحياة كلها، وأن يتعرف وجوه النشاط البشرى- ومراميه القريبة والبعيدة.
إن ضيق العطن، وسوء البصر بما يقع فى الدنيا وما تتوقع، والانحصار فى حدود الفكرة الخاصة، والاقتناع بجانب من المعرفة دون جانب، كل ذلك حجاب دون

الصفحة 206