كتاب جدد حياتك

إن الإنسان يتخوف فقدان ما ألف، أو وقوع ما يفدح حمله، وكلا الأمرين- بعد حدوثه- يستقبل دون عناء جسيم.
أعرفُ رجلا قطعت قدمه فى جراحة أجريت له، فذهبت إليه لأواسيه، وكان عاقلا عالما، وعزمتُ أن أقول له: (إن الأمة لا تنتظر منك أن تكون عداء ماهرا، ولا مصارعا غالبا، إنما تنتظر منك الرأى السديد والفكر النير، وقد بقى هذا عندك ولله الحمد).
وعندما عدته قال لى: (الحمد لله. لقد صحبتنى رجلى هذه عشرات السنين صحبة حسنة، وفى سلامة الدين ما يُرضى الفؤاد).
وقد نقل لنا " ديل كارنيجى " هذه النصائح: (أعدوا أنفسكم لتقبل الحقيقة فإن التسليم بما حدث هو الخطوة الأولى فى التغلب على المصائب. وهذه الحكمة "لوليم جيمس" فسرها الفيلسوف الصينى " لين يوتانغ " بقوله: إن طمأنينة الذهن لا تتأتى إلا مع التسليم بأسوأ الفروض، ومرجع ذلك- من الناحية النفسية- أن التسليم يحرر النشاط من قيوده. قال: ومع ذلك فإن الألوف المؤلفة من الناس قد يحطمون حياتهم فى سورة غضب، لأنهم يرفضون التسليم بالواقع المر، ويرفضون إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبدلا من أن يحاولوا بناء آمالهم من جديد يخوضون معركة مريرة مع الماضى، وينساقون مع القلق الذى لا طائل تحته).
والتحسر على الماضى الفاشل، والبكاء المجهد على ما وقع فيه من آلام وهزائم هو- فى نظر الإسلام- بعض مظاهر الكفر بالله والسخط على قدره.
ومنطق الإيمان يوجب نسيان هذه المصائب جملة، واستئناف حياة أدنى إلى الرجاء وأحفل بالعمل والإقدام.
وفى هذا يقول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير)

الصفحة 26