كتاب جدد حياتك

قُل لإخوان رأونى ميتا … فرثونى، وبكوا لى حزنا ..
أتظنونى بأنى ميتكم … ليس هذا الميت والله أنا ..
أنا فى الصور وهذا جسدى … كان بيتى وقميصى زمنا
أنا عصفور وهذا قفصى … طرت عنه وبقى مرتهنا
أنا در قد حواه صدف … لامتحانى فنفيت المحنا
أحمد الله الذى خلصنى … وبنى لى فى المعالى سكنا
كنت قبل اليوم أناجى ملأ … فحييت، وخلعت الكفنا
وأنا اليوم أناجى ملأ … وأرى الله جهارا علنا
قد ترحلت وخلفتكمو … لست أرضى داركم لى وطنا
لا تظنوا الموت موتا إنه … كحياة، وهو غايات المنى ..
لا ترعكم هجمة الموت … فما هى إلا نقلة من هاهنا ..
وهذه الأبيات، سواء صحت نسبتها للغزالى أم لم تصح، فهى صورة صحيحة للفكر الدينى عما دار وراء الموت.
ولقد قرأت لأحد الماديين أنه رأى صرصارا يموت- لعله من ضربة عابرة- فتمثل مستقبل البشرية كلها فى نهايته التافهة، إنها هكذا تنقضى، ويحتويها ظلام العدم والنسيان!!.
أما أبيات الخيام التى تصور الميت جثة تحتها تراب وفوقها تراب، ثم لا شىء بعد، فهى ليست إلا تخليطا فى تخليط.
وأى امرئ يبنى حياته على هذا الزعم فهو يبنيها على الخرافة.
وقد يلتذ بعيشه على أوسع نطاق، وقد يكون غرامه فى ملاقاة الدنيا بخيرها وشرها مثار نجاح وتأمل، ولكنا لا يجوز أن نُخدع بهذه الصورة الباطلة.
فالنهج الأقوم أن يكون مصدر طاقتنا المادية والمعنوية هو الحق وحده.
وماذا على المريض المصاب بقرحة الأمعاء لو أنه حسب الموت نقلة من بلد إلى بلد، فلم ير فيه وحشة مروعة ولا ظلاما مهولا.

الصفحة 30