كتاب جدد حياتك

الطبيب بمستشفى "مايو" رسالة فى الجمعية الأمريكية للأطباء والجراحين العاملين فى المؤسسات الصناعية قال فيه: " إنه درس حالات 176 رجلاً من رجال الأعمال أعمارهم متجانسة فى نحو الرابعة والأربعين، فاتضح له أن أكثر من ثلث هؤلاء يعانون واحدا من ثلاثة أمراض تنشأ كلها عن توتر الأعصاب، وهى: اضطراب القلب، وقرحة المعدة، وضغط الدم. ذلك ولما يبلغ أحدهم الخامسة والأربعين بعد".
أهذا هو ثمن النجاح، هل يعد ناجحا ذاك الذى يشترى نجاحه بقرحة فى معدته ولغط فى قلبه، وماذا يفيده المرض إذا كسب العالم أجمع وخسر صحته؟! لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات فى اليوم، فما الفرق بينه وبين الفاعل الذى يحفر الأرض؟! لعل الفاعل أشد استغراقا فى النوم، وأوسع استمتاعا بطعامه من رجل الأعمال ذى الجاه والسطوة.
ويقول الدكتور " و. س. الفاريز ": اتضح أن أربعة من كل خمسة مرضى ليس لعلتهم أساس عضوى البتة، بل مرضهم ناشىء عن الخوف، والقلق، والبغضاء، والأثرة المستحكمة، وعجز الشخص عن الملاءمة بين نفسه والحياة)
* * *
على ضوء هذه الصيحات المحزونة نحب أن نذكر بعض أحاديث النبى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، قال: "من جعل الهم هما واحدا كفاه الله هم دنياه.
ومن تشعبته الهموم لم يبال الله فى أى أودية الدنيا هلك".
هذا اللون من التوجيه النبوى يقصد به بث السكينة فى الأفئدة، واستئصال جراثيم الطمع والتوجع التى تطيل لغوب الإنسان وراء الدنيا وتحسره على ما يفوته منها، وفي ذلك يقول: " من كانت الأخرة همه جعل الله غناه فى قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهى راغمة. ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ". وقال: " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضيعته، وجعل فقره

الصفحة 33