كتاب جدد حياتك

وأفضل الناس من يأخذونه بسماحة وشرف، فإذا تحول عنهم لم يشيعوه بحسرة أو يرسلوا وراءه العبرات لأن بناءهم النفسى يقوم وحده بعيدا عن معايير المكاثرة، ورذائل النهم والتوسع ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس إن الغنى ليس عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس. وان الله عز وجل يؤتى عبده ما كتب له من الرزق، فأجملوا فى الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم ".
والإجمال فى الطلب- كما رأيت- لا يعنى القعود أبدا.
إن الطلب الجميل تكسب الحلال فى سماحة ورفق، واطراح الحرام فى زهادة وأنفة، ثم تجىء بعد ذلك بقية تعاليم الإسلام القائمة على الإيمان بالله، والتصديق بلقائه، وإيثار ما عنده، ومعرفة قدر الدنيا بالنسبة إلى الأخرى.
ثم معرفة قدر الله جل شأنه بالنسبة إلى ما عداه.
إن هذه المعرفة تنفى الأحزان عن صاحبها، وتذر فى فؤاده ثقة تغمر يومه وغده بالراحة والرضا:
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب * الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب).
أجل. طوبى لهم، إنهم سعداء بيقينهم وإخلاصهم واستقامتهم على النهج الذى رسمه الإسلام لهم. " طوبى لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره. طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله .. ".
إن جماهير غفيرة من الرجال الذين تظلهم حضارة الغرب محرومون من هذه الوداعة.
يقول " ديل كارنيجى ": (لقد أثبت الإحصاء أن القلق هو القاتل (رقم 1) فى أمريكا، ففى خلال سنين الحرب العالمية الأخيرة قتل من أبنائنا نحو ثلث مليون مقاتل. وفى خلال هذه الفترة نفسها قضى داء القلب على مليونى نسمة.

الصفحة 36