كتاب جدد حياتك

وما أظن عاقلاً يزهد فى البشاشة أو مؤمنا يجنح إلى التشاؤم واليأس، وربما غلبت المرء أعراض قاهرة فسلبته طمأنينته ورضاه، وهنا يجب عليه أن يتشبث بالعناية العليا كى تنقذه مما حل به، فإن الاستسلام لتيار الكآبة بداية انهيار شامل فى الإرادة يطبع الأعمال كلها بالعجز والشلل.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن يستعينوا بالله فى النجاة من هذه الآفات.
قال أبو سعيد الخدرى: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة .. ما لى أراك جالسا فى المسجد فى غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتنى وديون يا رسول الله. قال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ". قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله همى وقضى عنى دينى.
وبديهى أن ترديد كلمات معينة ليس إلا مفتاحا لأحوال نفسية جديدة تتغير بها حياة الرجل، ثم تستقيم بعدها خطاه وتلاحقه عناية الله.
وقد رأيت أن النبى صلى الله عليه وسلم استغرب قعود الرجل فى المسجد، فرده إلى الميدان مزوداً بدعاء يفتتح به نهاره، ويبتدى به أعماله بعيدا عن أغلال الضيق النفسى والشلل الفكرى. وبذلك يأمن "غلبة الدين، وقهر الرجال".
وعن شداد بن أوس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نقول: " اللهم إنى أسألك الثبات فى الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك لساناً صادقاً وقلبا سليماً وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، وأستغفرك مما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب ".
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: "قلما كان رسول الله يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا. ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا. واجعل

الصفحة 38