كتاب جدد حياتك

وتعريض النفس للفتنة غير مأمون العواقب. أما العافية فتحفظ توازن النفس، وتجعل الرجل قادرا على صالح الأعمال.
والحق أن الإنسان يكابر حين يرحب بالمصائب، لأنه أسير لنظام الأعصاب فى أغلب الأحيان. ومن الخير له أن يسأل الله العافية وأن يتجنب التعرض للامتحان، فقد يضعف عن مواجهة ما يشتهى من المصاعب، ويعرف بعد الانزلاق فى هوة المكاره أن العزيمة قد تفتر أو تخون ..
وعند التأمل ترى النعم والعوافى تزيد فى الصلة الروحية بين الإنسان وبين ربه، والفرق بعيد بين الحالين: حال الطمأنينة، وحال الاحتساب، فالمطمئن ينظر إلى ربه نظرة المدين، وهى نظرة كلها ترفق وتخشع. أما الصابر المحتسب فيتعرض للزهو بالصبر على ما يعاني. والزهو من أشد آفات النفوس).
وهذا كلام حسن جيد .. ونحن نحب أن نكون عبيد إحسان لا عبيد امتحان.
ولكن هل تجىء الأيام بما نحب؟.
ما أكثر العواصف التى تهب علينا، وتملأ آفاقنا بالغيوم المرعدة، وكم يواجه المرء بما يكره، ويحرم ما يشتهى!!.
هنا يجىء دور الصبر الذى يطارد الجزع، والرضا الذى ينفى السخط.
وفى هذا المقام يقول الدكتور زكى: (التسليم لله من أدب النفس، وهو يطرد نوازع شتى يخلقها التفكير فى النصيب الحاضر من حظوظ الحياة).
ومن الواضح أن هذا المقام يحتاج إلى رياضة شديدة، لأن الرضا لا يكون إلا بعد تطهير القلب من الوساوس النفسية، وهو بالتأكيد من أسباب الاطمئنان، والطمأنينة أكبر الغنائم فى الحياة الخلقية.
وقد يقال إن الرضا المطلق يبعث على البلادة، ويغرى النفس بإيثار الركود. ونجيب بأنه لا تنافى بين الرضا بالواقع والرغبة فى تكميل النفس، وإمدادها بما تحتاج إليه من الأغذية الدنيوية والعقلية والروحية ..
فإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس" فلا تجعل الرضا ذريعة القصور والقعود.
بل ارض بيومك. وأمل ما يسرك فى غدك ..

الصفحة 41