كتاب جدد حياتك

وقال:
(وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون)
وجدير بالإنسان فى عالم استوحش فيه الحق على هذا النحو أن يجتهد فى تحريه، وأن يلتزم الأخذ به، وأن يرجع إليه كلما بعدته التيارات عنه.
ولعل هذا هو السر فى أن الله طلب إلى كل مؤمن أن يسأله الهدى، وكلفه ألا يسأم من تكرار هذا السؤال حينا بعد حين.
ففى كل صلاة مفروضة أو نافلة يقف المرء بين يدى ربه يقول:
(اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
ما هو هذا الصراط المستقيم؟ إنه ليس سكة مطروقة فى إحدى البلاد، ولا جسرا مضروبا هنا أو هناك.
إنه المنهج الذى يشقه المرء لنفسه بين مشكلات الحياة، والخط الذى يلتمس فيه الصواب بين وجوه الرأى.
وكلما استمسك المرء بعرى الاستقامة واستكشف الحق فيما يعرض له من مسائل اليوم والغد فإنه يكون أدنى إلى التوفيق؛ إذ الخط المستقيم أقرب مسافة بين نقطتين، وصاحبه أبعد عن التخبط فى شتى المنحنيات والمنعرجات.
على أن الاهتداء إلى الحق والثبات على صراطه يحتاج إلى جهد ودأب، ويحتاج كذلك إلى استلهام طويل من عناية الله .. وقد كان رسول الله إذا حزبه أمر جنح إلى الصلاة يضم إلى عزيمته وجلده حول الله وطوله.
* * *
وقد يخبط المرء فى الدنيا خبط عشواء، وقد يصحبه " خداع النظر" فى تقديره للحقائق المحيطة به.

الصفحة 44