كتاب جدد حياتك

والى هذا يشير المتنبى بقوله:
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى … وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
* * *
فإذا عرف الإنسان الحقائق المتصلة به، وسبر غورها جميعا دون دهشة أو روع، بقيت أمامه الخطوة الأخيرة؛ وهى أن يتصرف بحزم وقوة، وأن ينفذ القرار الذى انتهى إليه بعزم صادق.
أعرف كثيرا من الناس لا يعوزهم الرأى الصائب، فلهم من الفطنة ما يكشف أمامهم خوافى الأمور.
بيد أنهم لا يستفيدون شيئا من هذه الفطنة لأنهم محرومون من قوة الإقدام، فيبقون فى مكانهم محسورين بين مشاعر الحيرة والارتباك.
وقد كره العقلاء هذه الضرب من الخور والإحجام:
إذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة … فإن فساد الرأي أن تترددا
أجل .. فإن للبحث والتبصر أجلا يتضح بعده كل شىء، ولا يبقى مكان إلا للعمل السريع وفق ما هدت إليه الروية واستبانه الصواب، وقد قال الله عز وجل:
(وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين).
إن مرحلة المشورة فى أمر ما لا يجوز أن تستمر أبدا، بل هى حلقة تسلم إلى ما بعدها من عمل واجب.
فإذا تقرر العمل، فلنمضي فى إتمامه قدماً، ولنقهر علل القعود والخوف، ولنستعن بالله حتى نفرغ منه.
قال " ديل كارنيجى ": (سألت " وايت فلبس " ـ أحد رجال الأعمال البارزين ـ: كيف كنت تنفذ قراراتك؟ فأجاب: لقد وجدت أن التفكير المستمر فى مشكلة ما إلى أبعد من مدى معين يخلق القلق، ويولد الاضطراب، فإنه يأتى وقت

الصفحة 48