كتاب جدد حياتك
إنه ساق هذا الجواب النبيل لرجل يتحرج من الإلمام بصغيرة، رجل سليم الفطرة شفاف الجوهر عاشق للخير، أراد النبى الكريم أن يريحه من عناء التساؤل والاستفتاء، فرده إلى فؤاده يستلهمه الرشد كلما تشابهت أمامه الأمور، ويستريح إلى إجابته وإن أكثر عليه المفتون ..
هذا الرجل وأمثاله من أصحاب القلوب الكبيرة هم موازين العالم، ومناراته الهادية.
وعندما تلمح مواريث الأجيال والحضارات المختلفة فى الشرق والغرب ترى أصحاب هذه الفطر الراقية يرسلون الحكمة الغالية والوصاة الثمينة، ويصرفون جهودهم لتقويم الأوضاع إذا اعوجت، وتقليل الأخطاء إذا شاعت.
ولعمرى إن الحياة من غير هؤلاء باطل!! وكم كان جديرا بالعالم أن يؤرخ لهم بدل أن يؤرخ للساسة والقادة من سفاكى الدماء ومذلى الشعوب.
***
إلى أصحاب هذه الفطر السليمة من كل جنس ولغة نلفت الأنظار لننتفع بهم.
وإلى الدخلاء عليهم من الأدباء المأجورين، والصحافيين المنحرفين، وأصحاب الفنون القوادة إلى الخلاعة والعبث نلفت الأنظار كى نحذر على أنفسنا ومستقبلنا.
فقد كثر فى الدنيا من يدعو إلى تعرية الأجسام والأرواح من لباس التقوى والفضيلة باسم أن ذلك عود إلى الطبيعة وتمشّ مع الفطرة!!.
والحق أن دَوْر هؤلاء بين الناس هو دَوْر الجراثيم " الفطرية " فى إعطاب الثمار وإمراض الأبدان، أى أنهم خطر على الطبيعة الصحيحة والفطرة السليمة.
***
وإذا شرحنا وظيفة الفطرة السليمة فى تعرف الحق وتعريفه فيجدر بنا أن ننبه إلى أمر آخر، هو أن كثرة البضاعة من نصوص السماء لا تغنى فتيلاً فى نفع صاحبها، أو فى نفع الناس بما عنده إذا كان مُلتاث الطبيعة مريض الفطرة.
ما قيمة المنظار المقرب أو المكبِّر لدى امرئ فقد بصره؟!.
الصفحة 5
208