كتاب جدد حياتك

ولذلك ترى الجنود وطلاب المعاهد العسكرية يتلقون الحصص المقررة، ثم يمرون بعدها فى مرحلة المناورات التى تمثل جانبا من الحياة العامة.
ومع ذلك فخبرة هؤلاء، ولصوق الفن الحربى فى أنفسهم دون مستواه عند من خاضوا المعارك وذاقوا أهوال القتال.
وكذلك تعلم الصلاة، إن الأمر يبدأ دروسا تقرع الآذان، ثم يحاول التلميذ أن يقيم الصلوات المكتوبة كما تعلمها، أما أن يتعلم هو من صلاته الخشوع والإخلاص والتسامى فذاك يجىء بعد إقبال المصلى على ربه، وإتقانه الطويل لشكل الصلاة ولموضوعها جميعا.
إن العلم الناشئ عن العمل هو خلاصة المران والتجربة.
فى مجال التربية والإصلاح لابد أن تتطور المعلومات إلى اكتمال نفسى واجتماعى، ولا يقبل من أحد أن يقف عند حدود القول مهما كان بليغا، ولا عند حدود الشرح مهما كان مستفيضا.
إذا أمرت بالخير فافعله أولا، وإذا نهيت عن شر فاسبق إلى البعد عنه، ثم اجتهد أن يتحول أمرك ونهيك إلى حقائق حية فى المجتمع، بحيث يكون تغيير المنكر وإقرار المعروف غايات بينة يراد إيقاعها بكل وسيلة، وبأقصر وقت.
إن تعشق الكمال قد ينتهى إلى حسن الحديث عنه، وقد يكتفى عشاقه بسرد تفاصيل دقيقة عن مسائله وقضاياه.
ثم يطوى الأمر كله دون نتيجة فعالة.
كما تموت الأمانى الحلوة فى نفوس الكسالى.
وقد كره الله عز وجل هذا اللون من السلوك الناقص لأنه أقرب إلى الادعاء، ولأن أصحابه يقصرون وهم أبصر من غيرهم بمواطن الرشد:
(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)
إن الوقوف بالإصلاح المنشود عند حد الكلام المرسل والمقترحات المبتوتة يفتح أبواباً مخوفة للجدل الطويل، وللثرثرة القاتلة للوقت والجهد.

الصفحة 52