كتاب جدد حياتك

وقد يكون كلامهم هذا متصلاً بموضوع الرسالة التى يهتمون جميعا بها أو العمل الذى يتعاونون جميعا على إنجاحه.
لكن هذا الكلام فى أغلب الأحيان يكون قليل الجدوى.
ولو أن كل واحد منهم انصرف إلى نفسه يتعهدها، وإلى عمله الخاص يتقنه، وإلى واجبه المنوط به يجيده، ويبتكر الطرق للنبوغ به؟ لكان ذلك أربى للإنتاج، وأزكى عند الله!!.
ولعل هذا سر الأمر الذى صدر للصحابة أن يخففوا من مناجاتهم للرسول الكريم، وأن يقدموا بين يدى نجواهم صدقة!!.
إن الإًحسان للفقراء قربة ميسرة فى كل آن.
فإذا أراد أحد أن ينال خطوة عند الله وعند رسوله فليتصدق، فهذا مجال رحب للثواب المطلوب.
وهو أولى من الجلوس عند رسول الله رغبة فى الجلوس فحسب.
(يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم).
على أن هذا التوجيه لا يعنى فرض ضريبة على كل من يريد مخاطبة صاحب الرسالة، فإن الكلام معه مباح، بل قد يجب فى شؤون كثيرة، وإنما المقصود تنبيه المؤمنين إلى الطريق الصحيح لمثوبة الله، وتوفير الوقت لصاحب الرسالة حتى لاً يشغله ـ بلاً ضرورة ـ هواة الجلوس مع العظماء.
لذلك قال عر وجل:
(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون).
إن مجالسة العظماء كما علمتنا التجارب وسيلة للزلفى، ومضيعة للوقت، وشغل عن واجبات كثيرة.
فلا عجب إذا وضعت القيود عليها ونبه إلى ما هو أجدى منها.

الصفحة 54