كتاب جدد حياتك

وروى عن سعد بن جنادة قال: لما فرغ رسول الله من " حنين " نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " اجمعوا .. من وجد شيئا فليأت به، ومن وجد عظماً أو سنا فليأت به ". قال فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " أترون هذا، فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا، فليتق الله رجل فلا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة عليه ".
وقد علم أولو النهى من تجاربهم أن هناك أشياء تبدر من الإنسان وهو غير آبه ولا يقظ لها، يعدها الآخرون عليه، ويستنتجون منها أفكارا أو يرون وراءها نيات غريبة.
وقد تترتب على ذلك نتائج فادحة، كما قيل:
إن الأمور صغيرها … مما يهيج له العظيم!!
فيحسن بالكيس أن يتدبر ما يصدر عنه من أفعال، ربما لم يلتفت إليها لصغرها، ولكنها قد تعقب الكبير من الشرور.
وكما أن تجمع الصغائر مخوف العقبى على حياة الإنسان، فإن تجسيم الصغائر بحيث تبدو إحداها وقد حجبت ما يجاورها من خير ليس من الإنصاف فى شىء.
ومن المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة فى سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها، ثم يعمى أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام.
والنظر الذى يثبت على الصغائر لا يعدوها ولا يعتذر عنها بما يجاورها من خير وكمال هو نظر جائر.
وقلما يقود صاحبه إلى راحة.
إن الله عز وجل يتجاوز عن التوافه ويغتفر اللمم لكل مؤمن ينشد الكمال ويصبغ به عمله على قدر استطاعته، قال عز وجل:
(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما).

الصفحة 62