كتاب جدد حياتك

إن الركون إلى القدر ـ وهو غير القول بالجبر ـ والبراءة من الحول والطول يورث جراءة على مواجهة اليوم والغد، ويضفى على الحوادث صبغة تحبب بغيضها، وتجعل المرء يقبل ـ وهو مبتسم ـ خسارة النفس والمال.
وذاك ما عنته الآيات الكريمة: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون * قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين).
يعنون كسب المعركة بالنصر، أو الموت فيها دون الظفر بها، وهو حسن كذلك، لأن ما عند الله من مثوبة محفوظ مضمون.
أما الذين لا دين لهم فهم إن انتصروا أو انهزموا بين عذابين آجل أو عاجل!!
(ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون).
هذا موقف المؤمنين بالأقدار يتسم بالقوة والتحدى، ولا شائبة فيه لريبة أو استخذاء.
غير أن كثيرا من الناس يجهلون هذه الحقيقة أو يجحدونها، ويباشرون أعمالهم وهم يحملون بين جوانبهم هموما مقيمة، ومشاعر عقيمة.
وهم لا يجزعون من أحزان تصيبهم فحسب، بل يجزعون من أحزان يتوقعونها لا ويفترضون أن المستقبل قد يرميهم بها.
وكم يجمح بهم الخيال فيملأ حياتهم بأشباح الموت والدمار، ويوهمهم أنهم بين الحين والحين معرضون لهجوم من هنا وغدر من هناك!!
قال " ديل كارنيجى ": لكن كثيرا من الرجال الناضجين لا تقل مخاوفهم سخفا عن مخاوف الأطفال والصبيان، وفى استطاعتنا جميعا أن نتخلص من تسعة أعشار مخاوفنا تواً لو أننا كففنا عن اجترار خواطرنا، واستعنا بالحقائق المدعومة بالإحصاء، لنرى إن كان هناك حقاً ما يبرر تلك المخاوف.
إن شركة " لويد " بلندن، وهى أشهر شركات التأمين فى العالم، قد ربحت ملايين الجنيهات من استغلالها ميل الإنسان إلى التوجس من أبعد الأمور احتمالا .. هذه الشركة تراهن الناس على أن الكوارث التى يخشون حدوثها، ويساورهم القلق من أجلها، لن تحدث أبدا.

الصفحة 67