كتاب جدد حياتك

على أنها بداهة لا تسمى هذا العمل مراهنة، بل تسميه " تأمينا "، وقد ظلت هذه الشركة تواصل أعمالها بنجاح مائتى سنة.
وما لم تتغير طباع الناس فستواصل هذه الشركة نجاحها خمسين قرنا أخرى، وستظل تقبل التأمين على الأحذية والسفن، وغير ذلك، لأن الكوارث التى يتوقعها الناس لا تقع بالكثرة التى يتصورونها).
الفزع من المستقبل المجهول، وتوقع الخسار الفادح، والشعور بالوهن عن حمل هذه المصائب المتوهمة هو سر قيام شركات التأمين وتغلغل فروعها فى أرجاء الحياة العامة.
ومن هذا الفرق فى الحقيقة ـ بين ما يقع فعلا، وما يقع وهما ـ تستولى هذه الشركات على قناطير مقنطرة من الذهب والفضة، مستغلة خشية الخوافين على أعمارهم حينا، وعلى أموالهم حينا أخر!!.
وقد حاول " ديل كارنيجى " أن يشفى صرعى الأوهام بسرد إحصاءات صادقة عن النوازل التى تقع بالبشر فى البر والبحر.
وهو علاج فى نظرنا لا يحسم العلة التى تنتشر حتما حيث تفرغ القلوب من الإيمان.
إن الحضارة الحديثة سيئة العلم بالله، وهى بالتالى مزعزعة الثقة فيه.
ولذلك تعالج أدواءها بأدوية رديئة، من مراهنة تسمى تأمينا، ومن إحصاءات تبين "للمرعوبين أن نسبة الإصابات أخف مما يتصورون.
ونحن ننادى بأخذ الحيطة للمستقبل، وإرصاد العوض لكل مصاب، ولكننا نستنكر المتاجرة بالذعر الناشئ عن خور اليقين كما تفعل شركات التأمين، ونستنكر الفرق الذى يستحوذ على الجبناء عندما يدفعهم الشك إلى ترقب الموت كامنا فى كل أفق .. !!
واسمع إلى قصة تاجر اعتاد أن يعذب نفسه بهذه الأفكار يرويها " كارنيجى ": (ماذا لو تصادم القطار الذى ينقل البضاعة؟؟ ماذا لو انهار جسر فى اللحظة الذى يمر القطار فيها؟؟ نعم إن البضاعة مؤمن عليها، ولكنه يخشى إن لم تصل الفاكهة فى

الصفحة 68