كتاب جدد حياتك

الوقت المحدد أن يفقد عملاءه. ولقد أجهد نفسه من فرط القلق حتى خيل إليه أنه أصيب بقرحة فى المعدة، فذهب إلى الطبيب. فأكد له الطبيب أنه سليم معافى إلا من توتر أعصابه. قال مستر " جرانت ": لقد أحسست عندما قال لى الطبيب هذا كأنما أخرجت من الظلمات إلى النور، وأخذت أسائل نفسى: كم عربة من عربات البضاعة استخدمت فى خلال العام المنصرم؟، وكان الجواب: نحو خمسة وعشرين ألف عربة، وعدت أسأل نفسى: كم من هذه العربات تحطم لسبب من الأسباب؟، وكان الجواب: خمس عربات ... حينئذ قلت لنفسى: خمس عربات من خمسة وعشرين ألف عربة!! أتدرى ما معنى هذا؟.
معناه أن معدل نسبة الخسارة هو عربة واحدة من كل خمسة آلاف عربة " فعلام القلق إذن؟! ").
أقول: وبث الطمأنينة فى النفوس ـ بتبيان الحقائق على هذا النحو الحاسم ـ شىء حسن.
ولكنه لا يحصن ذوى الأمزجة السود والهواجس الرجراجة.
إن الشخص المتشائم ينكص أمام التخيلات التى تنعقد سحائبها من نفسه.
وما دام ضعف الإيمان يسيطر عليه فهو سيفترض النحس مقبلا عليه مع أندر نسبة للشر يمكن أن تقع، ولن تقر نفوس هؤلاء إلا إذا خالطها محض الإيمان بالله والتسليم له، والرضا بما يقدره.
وتقبل أسوأ الفروض على أنها قضاء الله الذى لا مفر منه.
وذاك ما يوصى به الإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ".
ومثل هذا الشعور يريح من عناء كثير، ويزيح هموما ثقيلة، ولذلك قال رسول الله: "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له ".

الصفحة 69