كتاب جدد حياتك

إن هذه الفوضى فى فقه النصوص ليست إلا ضرباً من تحريف الكلم عن مواضعه، وهو المرض الذى أفسد الديانتين السابقتين اليهودية والنصرانية.
وربما تعجزنا حماية الدين من أصحاب الفطر العليلة، فالحل الوحيد أن يتقدم أصحاب الفطر السليمة ليؤدوا واجبهم.
وبهذا الحل تتحقق فائدتان جليلتان:
أولاهما: أن ينتفع أولئك الأصفياء بما شرع الله لعباده، فإن العقل مهما سما لن يستغنى عن النقل، كما أن الذكاء لا يستغنى عن قواعد العلوم وفنون المعرفة.
وأخراهما: أن تنتفع حقائق الدين بمن يحسن فهمها وعرضها غير مشوبة ولا مضطربة، فإن الفقه فى الدين حكمة لا يؤتاها كل إنسان، فليتعرض لها من لديهم استعداد خاص.
والإسلام دين لا تحتكر الكلام فيه والإبانة عنه طائفة معينة، اللهم إلا من تؤهلهم دراساتهم المحترمة وسعتهم الروحية والفكرية لذلك، وقد رضى الأزهر أن يقوم على رياسة مجلته منذ أنشئت إلى اليوم رجال من هذا النوع الكريم، ولو لم يكونوا من علمائه الرسميين.
وحسن التصور لحقائق الدين ـ كما وردت ـ لا بد أن تكون إلى جانبه ضميمة أخرى هى صدق العمل بها.
فإن علاج مشكلات الناس وأدوائهم لا يقدر عليه إلأ رجل حل مشكلات نفسه، وداوى عللها بالحقائق الدينية التى يعرضها.
وقد تمارى فى ضرورة ذلك وتقول: رب حامل فقه ليس بفقيه .. رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه!! وأقول: إن حملة الأدوية التى ينفعون بها ولا ينتفعون منها موجودون فى الحياة فعلاً.
وفى الحياة كذلك أثبت الطب أن هناك من يحمل جراثيم الأمراض ولا يعتل لظروف معقدة فى بدنه، تجعله ينقل العدوى إلى الآخرين، ويبقى هو معافى لا تصرعه العلة التى قد يصرع بها غيره!!
على أن الأحوال الشاذة التى توجد فيها قصة " حامل الميكروب " لا تسوغ وجود الجهال الذين يحملون العلم، والسفهاء الذين ينقلون الرشد.

الصفحة 7