كتاب جدد حياتك

غير مجد فى ملتى واعتقادى … نوح باك ولا ترنم شادى
وشبيه صوت النعى إذا قيس … بصوت البشير فى كل ناد
أبكت تلكم الحمامة أم غنت … على فرع غصنها المياد
ويقول المتنبى:
ألا لا أرى الأقدار مدحا ولا ذماً … فما بطشها جهلا ولا كفها حلما
والهدف الذى يريد هؤلاء الوصول إليه وإن اختلف تصويرهم له، أو ندت عبارتهم عنه، هو الذى عنته الآية الكريمة:
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).
وليس القصد مصادرة الطبع الإنسانى فى إحساسه بالألم والسرور.
وإنما القصد منع الاستغراق المذهل، فإن للفرحة الطاغية نشوة تخرج عن الصواب، وللحزن الجاثم وطأة تسحق الإرادة.
والمؤمن الذى يبصر عمل الله فى كل ما يمسه لا يتخبط بين هذه الانفعالات، فيرفعه هذا إلى القمة، ويخفضه ذلك إلى الحضيض.
إنه يلوذ بالاعتدال، ويسيطر على أعصابه، وتلك بعض ثمرات الإيمان بالقدر.
إن الرجل الضعيف قد يفزعه المصاب ويشتت أفكاره، فبدلا من أن يختصر متاعبه بمجابهة الواقع والاستعداد لقبوله، يسترسل مع الأحزان التى تضاعف كآبته ولا تغير شيئا، وانظر إلى ابن الرومى لما فقد ابنه كيف يقول:
وأولادنا مثل الجوارح أيها … فقدناه كان الفاجع البين الفقد!!
هل السمع بعد العين يغني مكانها؟ … أو العين بعد السمع تهدى كما يهدى!!
ثم يستبد الجزع بالرجل المكلوم، فتنهار أعصابه، ويرسل هذه الصرخة المجنونة: وما سرنى إن بعته بثوابه ولو أنه التخليد فى جنة الخلد!!
ما قيمة هذه الإعوال والتمرد؟.
وما أثره فى العاجل والآجل؟ لا شىء إلا الحسرة.

الصفحة 71