كتاب جدد حياتك

وهل هناك مسلك أرشد من الاعتراف بالواقع، ونشدان تغييره من صاحب الإرادة العليا، وواهب الخير الجزيل؟.
إن وخزات الأحداث قد تكون إيقاظا للإيمان الغافى، ورجعة بالإنسان إلى الله.
وهذه النتيجة تحول الداء دواء، والمحنة منحة، وتلك لا ريب أشهى ثمرات اليقين، والرضا بما يصنعه رب العالمين.
وهى ثمرة أحلى مما يذكره " ديل كارنيجى " عوضا عن الإيمان بالقضاء والقدر، إن الرجل يطلب من المصاب أن يتبلد أمام الأنواء، كما تتبلد قطعان الجاموس وجذوع الأشجار!! وهو معذور فيما يصف لأنه لم يقع على الدواء الذى بين أيدينا، ولنسمع له يقول: (رفضت ذات مرة أن أقبل أمرا محتما واجهنى، وكنت أحمق فاعترضت وثرت وغضبت وحولت ليالى إلى جحيم من الأرق، وبعد عام من التعذيب النفسانى امتثلت لهذا الأمر الحتم الذى كنت أعلم من البداية أنه لا سبيل إلى تغييره.
وما كان أخلقنى أن أردد مع الشاعر " والت هويتمان " قوله:
" ما أجمل أن أواجه الظلام والأنواء والجوع؟ ".
" والمصائب والمآسى واللوم والتقريع؟ ".
" كما يواجهها الحيوان، وتواجهها من الأشجار الجذوع! ".
ولقد أمضيت اثنى عشر عاما من حياتى مع الماشية، فلم أر بقرة تبتئس لأن المرعى يحترق، أو لأنه جف لقلة الأمطار، أو لأن صديقها الثور راح يغازل بقرة أخرى.
إن الحيوان يواجه الظلام والعواصف والمجاعات هادئا ساكنا، ولهذا قل ما يصاب بانهيار عصبى أو قرحة فى المعدة!!).
ذلك هو العلاج الحيوانى الذى يقترحه لمكافحة الأزمات!!.
وتلك هى الآثار المادية التى ينتظرها من ورائه!!.
ونحن المسلمين لا نرى فى هذا التبلد المطلوب مثلا أعلى لشفاء الإنسان مما يصيبه من أحزان.
إن التسليم لله أفضل من هذا التبلد المنقطع.

الصفحة 73