كتاب جدد حياتك

وهذا الكلام هو عندى أحسن تفسير لقول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل الكافر كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد ". وفى رواية: "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ـ أى تقوى وتنضج ـ ومثل الكافر كمثل الأرزة المجدبة على أصلها ـ لا تميل مع ريح لصلابتها ـ حتى يكون انجعافها مرة واحدة " ـ أى انكسارها.
* * *
وهذه المرونة فى ملاقاة الواقع البغيض قد تكلفك الابتسام له، وحمل النفس على حسن استقباله، لا لأنك تود بقاءه، بل تخفيفاً من شدة الضيق به، على نحو ما قال الشاعر:
ولما رأيت الشيب لاح بعارضى … ومفرق رأسى قلت للشيب مرحبا
ولو خفت أنى إن كففت تحيتى … تنكب عنى رمت أن يتنكبا
ولكن إذا ما حل كره فسامحت … به النفس يوماً كان للكره أذهبا
وهذه النصيحة عينها هى التى يزجيها لنا " كارنيجى " بقوله: (إن السرعة التى نتقبل بها الأمر الواقع ـ إذا لم يكن منه بد ـ مدهشة النتيجة، فإننا لا نلبث حتى نوطد أنفسنا على الرضا بهذا الواقع، ثم ننساه بعد كل النسيان.
يقول " وليم جيمس": كن مستعدا لتقبل ما ليس منه بد، فإن هذا التقبل خطوة أولى نحو التغلب على ما يكتنف الأمر من صعاب).
وهذا الرضا ضرب من التعزية الجميلة والمواساة الحسنة، ولا يسوغ أن يفهم منه عاقل أن مكاره الحياة أهداف مستحبة نسعى إليها فى اشتياق ورغبة.
من الذى يحب العمى؟. إن الرسول الكريم كرهه لنفسه، ودعا الله أن يمتعه بحواسه كلها، وكل مؤمن بل كل إنسان يود أن يعيش إلى أن يوافيه أجله وهو سليم المشاعر.
لكن بعض الناس قد يبتلى بفقد عينيه، فهل ندعه للألم يحز فى نفسه حتى يذوب حسرة؟ كلا.

الصفحة 75