كتاب جدد حياتك

وقد ندد القرآن أشد التنديد بهذه الدواب الناقلة فقال:
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين.
والحق أن المثل العليا لا يضيرها شىء كأن يكون نقلتها أول الناس خروجاً عليها.
إن هذا وحده مطعن يكفى للصد عنها واهدار الثقة بها.
وفى أيامنا هذه تحولت وثيقة حقوق الإنسان التى وضعتها المحافل الدولية إلى خرافة تحوطها السخرية والزراية، لأن الدول التى صدقت عليها مزقتها شر ممزق!! لا، بل إنها لم تتناولها لتمزقها، لقد أنِفَتْ أن تمد اليد لتناولها فتركتها تسقط تحت الأقدام، لتلقى مصيرها فى الرغام.
إن الإنسان بفطرته قد يعرف الحقيقة، فالحلال بين، والحرام بين.
بيد أن هذه المعرفة لا قيمة لها إن لم نحل الحلال، ونحرم الحرام، وإن لم تقفنا الحدود الفاصلة بين الفضيلة والرذيلة والعدالة والعدوان.
وحملة الفقه الذين لا فقه لهم قد يدلوننا علي الحقيقة، إلا أنهم لا يستطيعون الأخذ بأيدينا إليها، بل إن جملة الحقائق التى يدلوننا عليها محصورة فى نطاق ضيق جدا.
فإن تفاصيل الخير وأساليب الانطباع به والمران عليه لا يحسن تصورها ولا تصويرها إلا رجال لهم فى تربية أنفسهم باع طويل أو قصير، وجهد فاشل أو ناجح.
أما النقلة الذين يقومون بدور عربات البضاعة أو دواب الحمل فهم منفيون ابتداء من ميادين التهذيب والتأديب.
* * *
إن كتلاً كثيفة من البشر لا تزال بعيدة عن الإسلام، لأنها تجهل تعاليمه جهلاً مطبقاً، ومن ثم فهى لا تطلب إليه سبيلاً ولا تلتمس منه نورا. والإسلام هو الفطرة التى جاء محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- يجلو صفحتها، ويظهر رواءها، ويعود بالبشر إليها بعد أن اجتالتهم الشياطين عنها.

الصفحة 8