كتاب جدد حياتك

إن الإيمان بالله واليوم الآخر، وفرائض الصلاة والزكاة أشعة تتجمع فى حياة الإنسان لتسدد خطوه وتلهمه رشده، وتجعله فى الوجود موصولا بالحق لا يتنكر له، ولا يزيغ عنه.
والذين لا يستفيدون من صلتهم بالله هذا الضياء الكاشف، وهذه الهداية الكريمة فلا خير فى عباداتهم، ولا أثر لصلاتهم وزكاتهم.
وهذا سر التعبير الذى ختمت الآية به: ( ... فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين!).
كأن فعل هذه الصالحات لا يكفى ويشفى إلا بشرائط تتطلب الكثير من اليقظة والجهد.
والرذائل التى نهى الله عنها إنما كرهها لعباده لأنها تكسف عقولهم، وتسقط ضمائرهم، وتشيع المظالم بينهم، وتتحول فى أفكارهم ومشاعرهم إلى عطل وظلمة أو إلى فوضى وحيرة.
(فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
فالإنسان الذى يؤثر طريق الرياء على طريق الإخلاص يلقى من العنت ما يلقاه رجل يدور حول نفسه ليصل من القاهرة إلى الإسكندرية.
سيظل يتحرك فى موضعه حتى ينقطع إعياء دون أن يبلغ هدفه.
والإنسان الذى يؤثر الزنا على الإحصان يدركه من الشقاء ما يدرك الكلب الضال حين يتسكع لاختطاف طعامه، فيقع على جسمه من الضربات أكثر مما يدخل فمه من المضغ المنهوبة.
وليست هذه المعاصى شؤما على أصحابها فقط، بل هى رجوم تملأ جنبات المجتمع بالمآسى والمخازى.
وانتشار الجرائم له من تدمير معنويات الأمم ما لانتشار الأوبئة الخبيثة فى كيانها.

الصفحة 81